تساؤلات أنترنيتية
بقلم
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
منذ فجر التاريخ ووعي الإنسان لجغرافيا الأرض, أوجد بعقله الثاقب الأدوات التي تعينه على الحياة, والتي تضمن له الإستمرار مع عملية التناسل وإعمار الأرض... فكانت الإكتشافات والإختراعات والإبداعات, وحدثت القفزات المتطورة في مجالات عدة, لتبرز مدى القوة الخارقة التي أودعها الخالق في التكوين البشري من خلال كينونة منظومته الجسدية, المتمازجة مادة وروحا مشاعر وفكر في عقل مفكر ومدبر, تفتق عن مكنونات لم تكن في الحسبان, وهكذا وصلت الينا عبر السلف أشياء لا تعد ولا تحصى من بقايا الحضارات التي سادت ثم بادت, لتؤلف عصرنتنا الحالية بكل ما تحوي من مواصفات ومميزات تصنفها عن الماضي, وتعتبر الأساس الذ يرتكز عليه لرؤى المستقبل الآت...
حملت الينا السنوات الأخيرة في حقبها الزمنية ثورة العصر الرقمية الحديثة, التي قلبت الموازين المتبعة في عصر ما بعد الثورة الصناعية, التي اخترعت فيه الآلة البخارية وتحدثت على مراحل لتتالى الإكتشافت والأختراعات, وغيرت بالتالي من المفاهيم التي كانت سائدة في نهايات القرن الماضي, عند الشعوب في كافة المجتمعات المتحضرة, بحيث انقلبت الأمور في عالم الاتصالات رأسا على عقب, وأحدثت هذه الثورة الجديدة تغييرا أساسيا في المسارات التقليدية لمنظومة المعارف البشرية, واقتلعت المفاهيم القديمة من جذورها والتي كانت سائدة في المجتمعات والحضارات السالفة والبائدة... وعلى حين غرة أوجدت لنا عالما آخر جذب إليه الكثير الكثير, وسيطر على العدد الوفير من الأفراد المنتمية لشرائح عديدة ومختلفة في العالم... فكانت تلك الأداة العجيبة الغريبة التي تدعى الشبكة العنكبوتية أو الشبكة العالمية للمعلومات " الأنترنيت ", والتي أتت بعد الثورة الصناعية التقنية التي اوجدت لنا أجيالا من الحواسيب الرقمية " الكمبيوترات ", إضافة الى ثورة أخرى لا تقل أهمية عن مثيلاتها هي أجيال الهواتف المحمولة, والتي أثبتت وجوديتها الاستخدامية بقوة خدماتها المواكبة لقفزات الحضارة الجديدة في هذا العصر, بحيث سيطرت علينا هذه الأدوات قبل أن نسيطر عليها واستعبدتنا من حيث لا ندري...
نقضي الساعات الطوال ليلا ونهارا, مسمرين أمام شاشة الحاسوب, نجول ونصول في مواقع الشبكة العالمية للمعلومات " الأنترنيت " , نحلق في عوالم أخرى بعيدة عن غرفتنا الضيقة وبعيدة أكثر عن واقعنا ومحيطنا وبيئتنا ومجتمعنا... نجمع منها سيلا جارفا مما هب ودب من المعلومات, باستخدامنا للدردشة التدوينية أو الصوتية عبر البريد الرقمي, أو بالاطلاع على مواقع شتى والابحار فيما تحويه من مدخلات منوعة زمختلفة الألوان, تمتليء بها المدونات والمنتديات, أو نبحث عن الجديد في عالم الصناعة والتقنية ونغرق من حيث لا ندري في متاهات العدد الهائل المنتشر في أرجاء الشبكة العنكبوتية, أو نرود المواقع التي تهتم بالموسيقى والأغاني والأناشيد لنختار ما يتلاءم ومزاجياتنا ونستمع ونطرب بها أنفسنا, أو نلج المواقع العلمية العديدة وفق إختصاصات لا تنتهي نبحر في مطاويها باحثين عن آخر المستجدات, أو نحمل أنفسنا للولوج في مواقع أخرى لا نعرف كيف ندخلها ولا ندري كيف الخروج منها...
ويمضي الوقت بسرعة قياسية دون أن نشعر بمروره, ونرهق كثيرا فكرا ونفسا وجسدا, ونرمي بأجسادنا المتعبة وعقولنا المثقلة وأنفسنا المتعبة في رحاب النوم, نعلل النفس بقسط من الراحة الوهمية, لندخل عالما آخر من كوابيس الأحلام وأضغاث الإرهاق في هدأة النوم وسكون الأشياء, يوازي أحلام اليقظة في عالم الشبكة العنكبوتية بأضغاثه وكوابيسه ومتاهاته وعذاباته النفسية... لنستيقظ مجددا مع بزوغ شمس صباحية وإطلالة يوم آخر والتعب يأخذ منا كل مأخذ, ونعاود الكرة مرة أخرى في عملية مملة من الروتين الذي يحكمنا بقوة بدلا من تفتيته والتحرر من قيوده القاسية, ونمارس فعل صنمية التقهقر الجسدي والنفسي والفكري أمام شاشة الحاسوب وعالم الشبكة العنكبوتية, ضاربين بعرض الحائط كل ارتباطاتنا الاجتماعية, متجاوزين كل الحدود في توكيد عملية الإدمان العصرية ونحن نمتطي السيالات والحزم الكهرومغناطيسية على صهوة الأنترنيت...
في هذه الغمرة التي ولجناها بقوة وأخذتنا في متاهاتها التي لم ولن تنتهي أبدا, وفي هذه الطفرة الني جرفتنا بسيولها المعرفية وحملتنا الى أبعد من الواقع الذي نعيش في بيوتنا وأسرنا وأحيائنا وشوارعنا ومجتمعاتنا وقرانا ومدننا وأوطاننا, لنرود العالم من غرفتنا الصغيرة تراودنا كل الأحلام وتحاكينا كل الرؤى, ونحن نستخدم مكونات الشبكة العالمية للمعلومات مجندين كل طاقاتنا لاستيعاب سيل المعارف التي تكتظ بها الشبكة العنكبوتية... وتساؤلات كثيرة تقض مضجعنا ولا تتركنا طلقاء متحررين من هجمتها علينا واجتياحها لتفكيرنا وسيطرتها على جوارحنا, إلا بإجابات تضع الأمور في نصابها والنقاط عند حروفها, في حركة تقنين وتوازن تنظم أوقاتنا وتقنع عقليتنا وتريحنا في تفاعلنا مع ثورة العصر الحديثة الأنترنيت...
تواصلنا الرقمي على الشبكة العنكبوتية, بكافة أشكاله وألوانه, يثير فينا الرغبة النفسية والفكرية والعقلية, لتوصيف هذا الحلم الجميل الذي يعيشه كل مستخدم, محدثا نفسه في كل لحظة, عن هذا العالم متسائلا بقوة: هل عالم الأنترنيت هو عالم الواقعية؟! أم أنه عالم مجرد سراب أو وهم نعيش في أرجائه المتاهات, ونركض اليه وكأننا نركض وراء هلاكنا ونحفر بأيدينا حتوفنا؟!
عالم الشبكة العنكبوتية واسع جدا, الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود, لما في الشبكة العالمية للمعلومات من تداخلات, بحيث تختلط فيها كل الأوراق, ولا يستطيع المستخدم من حصر أطر العلاقات فيها, وتبقى الصداقات واهية و تقتصر على أدنى مقومات الثقة والصدق... كون أكثر المشاركين في مواقع ومنتديات الأنترنيت, يتسترون فيه من وراء أقنعة يتناولون فيها قضايا, مفروضة عليهم من قبل واقعهم و مجتمعهم الذي يعيشون فيه... والأسماء المستعارة فيه و التي يعبر أكثرها عن السخرية من الواقع اليومي الذي يعيشون فيه, ما هي إلا قوالب يصوغون فيها آراءهم غير المستساغة أحيانا أو حتى المرفوضة أحيانا أخرى على الصعيد الاجتماعي و السياسي و الديني...
الدردشة التدوينية أو الصوتية أو المرئية على الشبكة العنكبوتية, مجازاً ربما هي بوحٌ من نوع آخربما يثقل كاهل كل منا مما يخجل من التصريح به علنا في بيئته أو مجتمعه أو أسرته أو عائلته, فيصرخ صرخة مدوية في مواقع هذه الشبكة المترامية الأطراف, الممتدة عالميا, فيرد عليه من يشاركه هذا البوح أو ذاك, في عملية تتلاقى عندها المعاناة عند الأفراد وإن اختلفت التقاليد في المجتمعات وفق انتماءاتها الجغرافية...
المواقع والمدونات والمنتديات هي الصحافة الرقمية التفاعلية, التي تمثل عيادات للطب النفسي, يفضي إليها كل المتفاعلين معها بكل احباطاتهم اليومية وآرائهم التي لا تجد لها من صدى في الحياة الواقعية, ليوقعوا في أقسام وأبواب ومطاوي هذه المواقع ما تبوح به مكنوناتهم البشرية, انعكاسا لواقع مؤلم في غالبية الأحيان...
عناصر الشبكة العالمية للمعلومات يمكن اعتبارها محطات إسعافية للكثير من الأفراد, ويمكن تحديدها بأمكنة جماعية أو فردية أو ثنائية للتصالح مع الذات, التي أتعبتها هموم الواقع... وبديلا آخر يهرب إليه الأفرد عوضا عن اعتماد السبيل الجدي لتحقيق هذا التصالح بالمواجهة والمصالحة مع الواقع الحقيقي لكل منا حسب البيئة التي ينتمي إليها...
أعتقد أن عالم الشبكة العنكبوتية بكل مكوناته ومواقعه, يعتبر ساحة أخرى بعيدة عن الواقع المعاش في ظل أعراف وأنظمة وقوانين وإجراءات... لتمثيل خلفية للحرية الفردية أو الجماعية المنشودة والتي يخلو عالمها من القيود والأصفاد الاجتماعية والسياسية والدينية...
هي تساؤلات عديدة أسعفتني الذاكرة الإنسانية البوح ببعضها, وساعدني القلم المحدود بتدوينها, وراودتني نفسي الأمارة بكل شيء أن أنشرها في الشبكة العنكبوتية, مشاركة مني للأخرين من المستخدمين, ومحاكاة تخاطرية من الآخرين لرؤياي في البعد الآخر لتوصيف الشبكة العالمية للمعلومات...
بقلم
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
منذ فجر التاريخ ووعي الإنسان لجغرافيا الأرض, أوجد بعقله الثاقب الأدوات التي تعينه على الحياة, والتي تضمن له الإستمرار مع عملية التناسل وإعمار الأرض... فكانت الإكتشافات والإختراعات والإبداعات, وحدثت القفزات المتطورة في مجالات عدة, لتبرز مدى القوة الخارقة التي أودعها الخالق في التكوين البشري من خلال كينونة منظومته الجسدية, المتمازجة مادة وروحا مشاعر وفكر في عقل مفكر ومدبر, تفتق عن مكنونات لم تكن في الحسبان, وهكذا وصلت الينا عبر السلف أشياء لا تعد ولا تحصى من بقايا الحضارات التي سادت ثم بادت, لتؤلف عصرنتنا الحالية بكل ما تحوي من مواصفات ومميزات تصنفها عن الماضي, وتعتبر الأساس الذ يرتكز عليه لرؤى المستقبل الآت...
حملت الينا السنوات الأخيرة في حقبها الزمنية ثورة العصر الرقمية الحديثة, التي قلبت الموازين المتبعة في عصر ما بعد الثورة الصناعية, التي اخترعت فيه الآلة البخارية وتحدثت على مراحل لتتالى الإكتشافت والأختراعات, وغيرت بالتالي من المفاهيم التي كانت سائدة في نهايات القرن الماضي, عند الشعوب في كافة المجتمعات المتحضرة, بحيث انقلبت الأمور في عالم الاتصالات رأسا على عقب, وأحدثت هذه الثورة الجديدة تغييرا أساسيا في المسارات التقليدية لمنظومة المعارف البشرية, واقتلعت المفاهيم القديمة من جذورها والتي كانت سائدة في المجتمعات والحضارات السالفة والبائدة... وعلى حين غرة أوجدت لنا عالما آخر جذب إليه الكثير الكثير, وسيطر على العدد الوفير من الأفراد المنتمية لشرائح عديدة ومختلفة في العالم... فكانت تلك الأداة العجيبة الغريبة التي تدعى الشبكة العنكبوتية أو الشبكة العالمية للمعلومات " الأنترنيت ", والتي أتت بعد الثورة الصناعية التقنية التي اوجدت لنا أجيالا من الحواسيب الرقمية " الكمبيوترات ", إضافة الى ثورة أخرى لا تقل أهمية عن مثيلاتها هي أجيال الهواتف المحمولة, والتي أثبتت وجوديتها الاستخدامية بقوة خدماتها المواكبة لقفزات الحضارة الجديدة في هذا العصر, بحيث سيطرت علينا هذه الأدوات قبل أن نسيطر عليها واستعبدتنا من حيث لا ندري...
نقضي الساعات الطوال ليلا ونهارا, مسمرين أمام شاشة الحاسوب, نجول ونصول في مواقع الشبكة العالمية للمعلومات " الأنترنيت " , نحلق في عوالم أخرى بعيدة عن غرفتنا الضيقة وبعيدة أكثر عن واقعنا ومحيطنا وبيئتنا ومجتمعنا... نجمع منها سيلا جارفا مما هب ودب من المعلومات, باستخدامنا للدردشة التدوينية أو الصوتية عبر البريد الرقمي, أو بالاطلاع على مواقع شتى والابحار فيما تحويه من مدخلات منوعة زمختلفة الألوان, تمتليء بها المدونات والمنتديات, أو نبحث عن الجديد في عالم الصناعة والتقنية ونغرق من حيث لا ندري في متاهات العدد الهائل المنتشر في أرجاء الشبكة العنكبوتية, أو نرود المواقع التي تهتم بالموسيقى والأغاني والأناشيد لنختار ما يتلاءم ومزاجياتنا ونستمع ونطرب بها أنفسنا, أو نلج المواقع العلمية العديدة وفق إختصاصات لا تنتهي نبحر في مطاويها باحثين عن آخر المستجدات, أو نحمل أنفسنا للولوج في مواقع أخرى لا نعرف كيف ندخلها ولا ندري كيف الخروج منها...
ويمضي الوقت بسرعة قياسية دون أن نشعر بمروره, ونرهق كثيرا فكرا ونفسا وجسدا, ونرمي بأجسادنا المتعبة وعقولنا المثقلة وأنفسنا المتعبة في رحاب النوم, نعلل النفس بقسط من الراحة الوهمية, لندخل عالما آخر من كوابيس الأحلام وأضغاث الإرهاق في هدأة النوم وسكون الأشياء, يوازي أحلام اليقظة في عالم الشبكة العنكبوتية بأضغاثه وكوابيسه ومتاهاته وعذاباته النفسية... لنستيقظ مجددا مع بزوغ شمس صباحية وإطلالة يوم آخر والتعب يأخذ منا كل مأخذ, ونعاود الكرة مرة أخرى في عملية مملة من الروتين الذي يحكمنا بقوة بدلا من تفتيته والتحرر من قيوده القاسية, ونمارس فعل صنمية التقهقر الجسدي والنفسي والفكري أمام شاشة الحاسوب وعالم الشبكة العنكبوتية, ضاربين بعرض الحائط كل ارتباطاتنا الاجتماعية, متجاوزين كل الحدود في توكيد عملية الإدمان العصرية ونحن نمتطي السيالات والحزم الكهرومغناطيسية على صهوة الأنترنيت...
في هذه الغمرة التي ولجناها بقوة وأخذتنا في متاهاتها التي لم ولن تنتهي أبدا, وفي هذه الطفرة الني جرفتنا بسيولها المعرفية وحملتنا الى أبعد من الواقع الذي نعيش في بيوتنا وأسرنا وأحيائنا وشوارعنا ومجتمعاتنا وقرانا ومدننا وأوطاننا, لنرود العالم من غرفتنا الصغيرة تراودنا كل الأحلام وتحاكينا كل الرؤى, ونحن نستخدم مكونات الشبكة العالمية للمعلومات مجندين كل طاقاتنا لاستيعاب سيل المعارف التي تكتظ بها الشبكة العنكبوتية... وتساؤلات كثيرة تقض مضجعنا ولا تتركنا طلقاء متحررين من هجمتها علينا واجتياحها لتفكيرنا وسيطرتها على جوارحنا, إلا بإجابات تضع الأمور في نصابها والنقاط عند حروفها, في حركة تقنين وتوازن تنظم أوقاتنا وتقنع عقليتنا وتريحنا في تفاعلنا مع ثورة العصر الحديثة الأنترنيت...
تواصلنا الرقمي على الشبكة العنكبوتية, بكافة أشكاله وألوانه, يثير فينا الرغبة النفسية والفكرية والعقلية, لتوصيف هذا الحلم الجميل الذي يعيشه كل مستخدم, محدثا نفسه في كل لحظة, عن هذا العالم متسائلا بقوة: هل عالم الأنترنيت هو عالم الواقعية؟! أم أنه عالم مجرد سراب أو وهم نعيش في أرجائه المتاهات, ونركض اليه وكأننا نركض وراء هلاكنا ونحفر بأيدينا حتوفنا؟!
عالم الشبكة العنكبوتية واسع جدا, الداخل اليه مفقود والخارج منه مولود, لما في الشبكة العالمية للمعلومات من تداخلات, بحيث تختلط فيها كل الأوراق, ولا يستطيع المستخدم من حصر أطر العلاقات فيها, وتبقى الصداقات واهية و تقتصر على أدنى مقومات الثقة والصدق... كون أكثر المشاركين في مواقع ومنتديات الأنترنيت, يتسترون فيه من وراء أقنعة يتناولون فيها قضايا, مفروضة عليهم من قبل واقعهم و مجتمعهم الذي يعيشون فيه... والأسماء المستعارة فيه و التي يعبر أكثرها عن السخرية من الواقع اليومي الذي يعيشون فيه, ما هي إلا قوالب يصوغون فيها آراءهم غير المستساغة أحيانا أو حتى المرفوضة أحيانا أخرى على الصعيد الاجتماعي و السياسي و الديني...
الدردشة التدوينية أو الصوتية أو المرئية على الشبكة العنكبوتية, مجازاً ربما هي بوحٌ من نوع آخربما يثقل كاهل كل منا مما يخجل من التصريح به علنا في بيئته أو مجتمعه أو أسرته أو عائلته, فيصرخ صرخة مدوية في مواقع هذه الشبكة المترامية الأطراف, الممتدة عالميا, فيرد عليه من يشاركه هذا البوح أو ذاك, في عملية تتلاقى عندها المعاناة عند الأفراد وإن اختلفت التقاليد في المجتمعات وفق انتماءاتها الجغرافية...
المواقع والمدونات والمنتديات هي الصحافة الرقمية التفاعلية, التي تمثل عيادات للطب النفسي, يفضي إليها كل المتفاعلين معها بكل احباطاتهم اليومية وآرائهم التي لا تجد لها من صدى في الحياة الواقعية, ليوقعوا في أقسام وأبواب ومطاوي هذه المواقع ما تبوح به مكنوناتهم البشرية, انعكاسا لواقع مؤلم في غالبية الأحيان...
عناصر الشبكة العالمية للمعلومات يمكن اعتبارها محطات إسعافية للكثير من الأفراد, ويمكن تحديدها بأمكنة جماعية أو فردية أو ثنائية للتصالح مع الذات, التي أتعبتها هموم الواقع... وبديلا آخر يهرب إليه الأفرد عوضا عن اعتماد السبيل الجدي لتحقيق هذا التصالح بالمواجهة والمصالحة مع الواقع الحقيقي لكل منا حسب البيئة التي ينتمي إليها...
أعتقد أن عالم الشبكة العنكبوتية بكل مكوناته ومواقعه, يعتبر ساحة أخرى بعيدة عن الواقع المعاش في ظل أعراف وأنظمة وقوانين وإجراءات... لتمثيل خلفية للحرية الفردية أو الجماعية المنشودة والتي يخلو عالمها من القيود والأصفاد الاجتماعية والسياسية والدينية...
هي تساؤلات عديدة أسعفتني الذاكرة الإنسانية البوح ببعضها, وساعدني القلم المحدود بتدوينها, وراودتني نفسي الأمارة بكل شيء أن أنشرها في الشبكة العنكبوتية, مشاركة مني للأخرين من المستخدمين, ومحاكاة تخاطرية من الآخرين لرؤياي في البعد الآخر لتوصيف الشبكة العالمية للمعلومات...